تلقى الأيام والمناسبات العالمية اهتمام العالم ممثلاً بالأفراد والجهات في كافة القطاعات، حيث تصاحب تلك المناسبات حزمة من مظاهر الإحتفاء والأنشطة التفاعلية، حتى وإن كانت المناسبة ليست بالأمر الجلل. فكيف بيوم يحتفى فيه بإنقاذ الأرواح؟
يوافق اليوم العاشر من شهر سبتمبر “اليوم العالمي للإسعافات الأولية” الذي خصص من قبل الاتحاد الدولي التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر؛ كإحياء وتثمين لمساهمة الإسعافات الأولية في إنقاذ الأرواح باللحظات الصحية الحرجة التي قد تحدث في أي وقت ولأي شخص.
ومن أهداف هذه المناسبة الهامة، رفع الوعي حول تأثير الإسعافات الأولية في إنقاذ الأرواح، والتشجيع على تعلمها على مستوى الأفراد كافة، بالإضافة إلى الجانب التوعوي الذي يتمثل بالحوداث المنزلية والخارجية وطرق الإسعافات الأولية عند حدوثها، وأخيرًا التعريف بالجهات التي تقدم دورات الإسعافات الأولية المعتمدة.
بذكر مفردة “الأولية” التي تعقب كلمة الإسعافات، فنحن بصدد الإشارة إلى تعرضها “لأساسيات” العناية الطبية الفورية والمؤقتة التي يتلقاها المريض باللحظات الحرجة، لحين وصول سيارة الإسعاف من ثم يتلقى المصاب بعدها الرعاية الصحية اللازمة.
وبالرغم من الأثر الكبير الذي يتركه الوعي بأساسيات الإسعافات الأولية، إلا أن تلك الأسس البسيطة لازالت بمنأى عن إحاطة الكثير من الأفراد بالمجتمع، حيث أن من شأن تلك الإحاطة بأهميتها والتدرب على أساسياتها؛ أن تنقذ روحًا في لحظة حرجة قد لا تتمكن السلطات من الوصول إليها، أو أن تخفف مَصابًا يحول بينه وبين حدوث عاهة مستديمة -لا قدر الله-.
ومن المفارقات؛ أن الإسعافات الأولية بالرغم من أنها تمثل أبسط أساسيات الرعاية الصحية، إلا أنها تتطلب تأهيل من خلال التدريب عليها تحت أيدي كوادر مؤهلة في مجال الإسعافات، من خلال الدورات التدريبية أو ورش العمل المتخصصة أو الدروس المكثفة؛ فهي لا تقبل أن تمارس بعشوائية أو أن تخضع لاجتهادات شخصية مستعجلة.
يقابل أهمية وعي الأفراد بها أهمية أولى وأكبر، تتمثل بتمرس الكوادر الصحية المختصة بها على أداءها وفق معايير عالية من الاحترافية؛ لهذا جاءت سلسلة من مساهمات القطاعات الصحية ذات العلاقة بالمملكة للرفع من الوعي بها ضمن إطار رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى حياة عامرة وصحية؛ فمن تلك المساهمات التي نقف على آثارها في يوم كهذا، المبادرة التي جاء بها برنامج “تحول القطاع الصحي” أحد برامج رؤية السعودية 2030، في تطوير المهارات والمعرفة الإسعافية المطلوبة لمقدمي الخدمة؛ تنميةً للقدرات والمهارات للكادر الطبي الإسعافي لتمتاز بالكفاءة العالية، بالإضافة إلى تفعيل الوعي المجتمعي للمواطنين والمقيمين حول أهمية الإسعافات الأولية والتعامل مع الحالات الاسعافية مما يقلل طلب خدمة الاسعاف للحالات غير الاسعافية ليهدف بذلك إلى تحسين القيمة المحصلة من الخدمات الصحية.
فلا أدلّ على هذا من حرص رؤية المملكة 2030 على تأهيل الكوادر في كافة القطاعات، لا سيما بالقطاعات الصحية التي لها أثر محوري في إنقاذ وحفظ الأرواح، والحول دون تدهور الحالات الصحية، ومساعدتها في الاستشفاء؛ لتمكين حياة عامرة وصحية يحظى بها الإنسان داخل أراضيها الرحبة.